غيداء طفله جميلة عمرها لا يتجاوز العاشرة تتميز بخفة ظل
كثيرا ماتروى قصتها أمام الناس وكثيرا ماتسمع تنهيدات قويه وترى دموعا
حارقه على الوجنتين
لكن
لا تعلم شيئا
فهي كالطفل بل أشد برآءة
تذهب غيداء بشكل يومي
الى مركز التأهيلي الشامل للتوحد
لمساعدتها في تأهيلها ومعرفة إحتياجاتها الأساسيه
و الفصل الذي تتأهل به غيداء
يشاركها فيه ثلاثة أطفال مصابين هم أيضا بالتوحد
الطفل الأول رمضان عمره 8سنوات
والطفل الثاني يوسف عمره ثلاثة سنوات
والطفله الثالثه رفيدا عمرها خمس سنوات
و كلا منهم يتميز بشئ عن الآخر
فكان يوسف الأذكى
ورمضان كان الأكثر إستسلام
ورفيدا كانت الأكثر تحدثا في عالم قل فيه الحديث وكثر به الصراخ
بينما غيداء تتميز بالنظرات والسلام
فكل مايمر شخص ترفع يديها الجميليتين اما اليمنى أواليسرى لتسلم
وكلهم يجتمعون بصفات واحده
ألا وهي الدوران حول أنفسهم
وقلة التواصل البصري أو عدمه كحال أي
توحدي0
في ذات يوم دخلت مساعدة الأخصائية
مع معلمة الفصل
فأقتربت كعادتها لتسلم
أهلا غيداء كيف حالك؟
اخذت غيداء ترفرف بيديها (لأنها ليس في كل الأحوال ترفع يدها لتسلم)
وتصرخ وتركل قدماها على أرجل الكرسي
محاولة منها في إبعاد معلمتها المتطفله
عن محيطها الهادئ وعالمها المنفرد بها لوحدها
فهي في كل الأحوال لا تطيق أحدا أن يقترب منها أو يلمسها
أو يربت على كتفيها أو يطبع قبله على خدها!!
لأنها أشياء لا تهمها على الإطلاق
كل مايهما الدوران حول ذاتها
والتحديق في الضوء لوقت طويل
وتعشق ترديد كلمات معينه صحيح أن جميعهم ينهرها على الترديد
ولكنها تصر عليها لأنها تشعر أنها تتميز بها خاصه وأن هذه الكلمات لا أحد يفهما سواها
في هذه الأثناء بدأت المعلمه بجلب المكعبات لغيداء
والصور ليوسف بينما رمضان كان تجلب له المعجون(الصلصال)
ولرفيدا الكراسه والألوان والتي تميزت عن غيرها برسمها الحزين
فبدأت معلمة الصف بمراقبتهم ومتابعتهم
وإذ برمضان يقفز ليأخذ من مكعبات غيداء
ولكن غيداء والتي تعشق المكعبات لم تدافع وتأخذ حقها
أخذت المعلمه في ترديد كلمة لا رمضان
خطأ خطأ
بدأت تحدق غيداء في المعلمة !!!
وكأنها تقول :يااااااالله كم أسمع هذه الكلمه كثيرا في المنزل
ولدى أخصائية النطق والتخاطب ولدى معلماتي
كم أكره هذه الكلمه ليتني أعرف معناها
إقتربت المعلمه لإعطاء غيداء مكعباتها
لكن غيداء لا تطيق الإقتراب منها
وأخذت تصرخ وترفرف بيداها محاوله منها لإبعاد المعلمه كعادتها،
طرق باب الفصل ثم دخلت أخصائية النطق والتخاطب
سلمت على غيداء لتأخذها في جلستها اليوميه
وكالعاده إصرار قوي من غيداء
لأنها لا تطيق إقتحام عالمها الخاص
فهي لاتمل من البقاء
في مكان واحد طوال النهار
مسكت يدها الاخصائية
ووضعت صورة وجبة خفيفه أمام عيناها
هيا غيداءتعالي أنظري ماذا أحضرت
بسكويت
بسكويت
فعلا تحقق للأخصائيه
مطلبها في إغرائها بالبسكويت
وتمكنت من مرافقتها
إلى مكتبها
غيداء والمتميزه دوما بالأناقه
كانت ترتدي قبعة بنفسجية اللون
مزينه بزهور صفراء ويلتف حول عنقها شال من التريكو أصفر اللون
،إقتربت الأخصائيه منها: غيداء أهلا وسهلا غيداء كيف حالك؟
ثم أبعدت القبعه عن رأسها لتبدأ التمرين
لكن غيداء شعرت بأن أذانها قد سحقت فأخذت تصرخ
وتصرخ وتصرخ
قامت الأخصايه بتهدئتها وإعطائها المعزز(بسكويت)
ثم إنتهى يوم شاق على هذه الطفله التوحديه
وبالربع الساعه الأخيره
والتي ينتظرفيها الأطفال باص المدرسه
كان هناك وقت للفيديو غالبا غيداء لا تستمتع كثيرا به
ولكن معلمتها أصرت وضمتها لباقي الأطفال
لما سمعته بأن الأناشيد تؤدي بالتوحدي الى الشعور بالأمان
مما يمكنه بالشعور التفاعلي الإيجابي
ويؤدي أيضا إلى ظبط النفس والتهدئه المؤديان إلى إستقرار داخلي
دخلت غيداء الى غرفة الفيديو مجبره
وأخذت تصرخ
لأن الأطفال كانوا منسجمين مع الأناشيد ....
ويرددونها بصوت مرتفع
فهي تحاول إسكاتهم بصرخات قويه ورفرفات مزعجه
ثم قامت معلمتها من مكانها وأخذت تقول:غيداء خطأ خطأ غيداء خطأ
رمقت غيداء معلمتها بتلك النظرات وكأنها تقول ألم تعرفين بعد؟
أن أكره التغيير لماذا تغيرون مكاني ؟
كانت بالقرب من غيداء رهف وهي طفله مصابه بالداون
وكانت تردد الأناشيد بصوت غير مسموع
وتقلد حركاتها وترفع يداها
وتصفق تضحك تهز برأسها يمينا وشمالا
تضع يدها على فمها ثم تقف
وترفع يداها عاليا تضحك
وتنظر إلى غيداء تمسكها بيدها
صرخت غيداء مجددا
لأنه لم يعجبها الوضع
فغطت أذناها بيديها وأخذت تضغط بقووه وتضغط
وتطلق صراخات وزفرات وكأنها تقول لهم
لا لا هذه الأشياااء لا تهمني
المعلمات والأطفال
والأناشيد والنغمات
والضحكات
لا تهمني ولاتعني
لي بشئ
الجميع من معلمات وأخصائيات
إلتف حولها في محاوله منهم لتهدئتها،،،
غيداء إهدائي،،غيداء ماما إهدائي
ولكن حتى هم لم تعيرهم أي إهتمام
لم يعير إنتباه هذه الطفله سوى شئ واحد000
ذبابه
نعم
ذبابه
كانت تطير في أنحاء الغرفه تاره تقع على يدها وتاره على رجليها
تارة تبتعد وتارة تقترب منها
الكل منشغل بما هم فيه وهي منشغله بها
ثم فجأة حدث شي لم يكن بالحسبان
توقف السي دي عن العمل وتوقف الأطفال
عن الإنشاد وتبادلوا نظرات إستغراب
عم الهدوء أرجاء المكان
فرحت غيداء وبانت فرحتها من عينيها البرئية
ونطقت بصوتها الناعم كلمه واحده
(أصحابي)
فتركت معلماتها في حالة ذهول0
إنتهى
ومضه :
(أحيانا نكون أطفال توحيديون لانريد أحدا أن يقتحم حياتنا )
(ربما تفاصيل صغيره لا نعيرها إهتماما......تسعدنا)
(ليس من المهم أن تعرف عني كل شئ)
__________________
22.03.10 8:39